خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بعنوان : الحلال بيّن والحرام بيّن ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بعنوان : الحلال بيّن والحرام بيّن ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 13 شعبان 1442هـ ، الموافق 26 مارس 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بصيغة word : الحلال بيّن والحرام بيّن ، للشيخ كمال المهدي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بصيغة pdf : الحلال بيّن والحرام بيّن، للشيخ كمال المهدي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بعنوان : الحلال بيّن والحرام بيّن ، للشيخ كمال المهدي:
1- صور من أكل الحرام في حياتنا.
2- التحايل على أكل الحرام.
3- أسباب أكل الحرام .
4- تورع السلف الصالح من الحرام.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م كما يلي:
**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد :-
أحبتي في الله :- ، عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ الحلالَ بَيِّنٌ، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبِهاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) متفق عليه
أيها الأحبة :- مع هذا الحديث سيدور حديثنا فأعيروني آذانا صاغية وقلوبنا واعية ، هذا الحديث اعتبره العلماء يمثل ثلث الدين، وهو كذلك، يقول الإمام أحمد: أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث: “إنما الأعمال بالنيات”، وحديث: “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد”، وحديث: “الحلال بيّن”؛ فهذا الحديث في السنة كسورة الإخلاص في القرآن.
الحلال بيّن أي واضح وظاهر لا يخفى على أحد والحرام بيّن واضح وضوح الشمس في ضحاها. فالكل يعرف الحرام لأن الحرام يخشى الإنسان أن يطلع عليه أحد.
وتعالوا بنا لنرى صورا من أكل الحرام في مجتمعاتنا وكل الناس يعلمون علم اليقين أنها حرام ولكن للأسف الشديد لا يُلقون لها بالاً، بل ومنهم من يتغافل ومنهم من يتحايل ومنهم من يأتي بالمبررات ليُحلها
وصار من السّهل على كثير من الناس أن يأخذ الواحد منهم الحرام أو يعطي الحرام، ويجد لنفسه مبرّرا من واقعه أو واقع المجتمع من حوله، ويتعلّل بأنّه ليس وحده من يُواقع ذلك!
** فهذا الموظف الذي يستغل وظيفته فيرتشي، هل يعتقد أن هذه الرشوة حلال؟
لا والله هو يعلم علم اليقين أنها حرام ويعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
في الحديث الذي رواه ثَوْبَانَ رضي الله عنه :(لَعَنَ الله الرَّاشِيَ ، وَالْمُرْتَشِيَ، وَالرَّائِشَ. يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا)
ولو أن هذه الرشوة حلال لماذا يأخذها في الخفاء هل يستطيع أن يعلن بها أمام الناس
ورد عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ ، فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ قَالَ : فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ حَلْيِ نِسَائِهِمْ ، فَقَالُوا لَهُ : هَذَا لَكَ وَخَفِّفْ عَنَّا وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسْمِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ! وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ، فَأَمَّا مَا عَرَضْتُمْ مِنَ الرَّشْوَةِ فَإِنَّهَا سُحْتٌ ، وَإِنَّا لَا نَأْكُلُهَا ، فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ)
كذلك تجده يُصرّ على أكل الحرام بدخوله إلى مقرّ عمله متأخّرا وخروجه قبل وقت الخروج، وهو بين هذا وذاك، يسرق من وقت العمل ليُحادث ويضاحك هذا وذاك، وربّما يخرج ليجلس في المقهى ويقرأ الجريدة ويقضي وقتا ليس بالقصير بعيدا عن مكان عمله.. لا يكلّ ولا يملّ من التبرّم والتضجّر والشّكوى، ولا يجد غضاضة ولا حرجا في التحايل والكذب لأخذ العطل الاستثنائية والمرضية، وينسى أنّه بسلوكه هذا يأكل الحرام ويطعم أولاده الحرام، وأيّما جسد غذي بالحرام فالنّار أولى به.
** وهذا المعلم :- الذي لا يؤدي عمله في مدرسته ولا يقوم بشرح الدروس للطلاب على أكمل وجه وبعد ذلك يذهب إلى بيته ليعطي الدروس الخصوصية ويتقن في شرح الدروس أقول له هل هذا حلال؟
**وهذا الطبيب :- الذي يترك مقر عمله المستشفى ويذهب لعيادته في وقت عمله أقول له هل هذا حلال ولو كان حلالا لماذا لو علم بحضور مراقب أومسئول يمكث في عمله ولا يغادر؟
**وهذا المحامي :- الذي يدافع عن الظالم والقاتل والسارق وهو يعلم حقيقته ومع ذلك يقف معه ضد المظلوم من أجل المال هل ماله هذا حلال؟
**وهذا الإمام:- الذي يترك مسجده ولا يذهب إليه إلا يوم الجمعة أو يوما آخر مع الجمعة، ولو أنه علم أن هناك تفتيشا لذهب إلى مسجده ومكث فيه هل راتبه حلال؟ وهذه مصيبة أدهي وأمر.
** وهذا التاجر:- الذي يغش في السلعة حينما يغش هل يعلم أن هذا الغش حلال؟ لا والله! بل يعلم علم اليقين أنه حرام وإلا لَمَا أخفى غشه ولذلك ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا فقالَ: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي.
**وهذا المهندس :- الذي يُوَقِّع على أن المبنى مطابق للمواصفات مع أنه مُخالف من أجل أنه أخذ مبلغاً كبيرًا من المال من المقاول فهل هذا حلال؟ إنه حرام بين وواضح!!
**وهذا الذي يأكل ميراث إخوته وخاصة البنات:- ألا يعلم أن هذا حرام.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ ، إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [ أخرجه مسلم ] ، وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَإِنْ قَضَيْتُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا) [ أخرجه الترمذي وقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .
** ووالله إنه لمن المؤسف أن بعضا من الناس أصبحوا لا يبالون بأكل الحرام..
وهذا ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ،بأنه سوف يأتي على الناس زمان ،يتهاونون فيه في قضية الكسب ،فلا يدققون ،ولا يحققون في مكاسبهم ، ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ ، لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلاَلِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ)
بل الأدهى والأمر حينما تجد من يعلم علم اليقين الحرام ويتحايل لِيُحله ويفعل كما فعل أصحاب السبت فقد حرم الله جل وعلا عليهم الصيد يوم السبت، فتحايلوا ووضعوا الشباك ذلك اليوم ، واستخرجوا الصيد يوم الأحد، ففعلهم في الظاهر حلال، لكنَّه في الحقيقة حرام، فالعبرة في الوقت الذي حصل فيه الصيد،قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) [البقرة:٦٥-٦٦].
كان هذا ابتلاء واختبارات لهم قال الله عز وجل في سورة الأعراف : (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)[الأعراف :١٦٣]
فالتحايل على المحرم يكون بأمور: إما بتسميته بغير اسمه كتسمية القمار بالمسابقات، وتسمية الرشوة بالهداية وغير ذلك وقد يأتي التحايل على الحرام بادِّعاء حلِّه، وفي الحديث عند البخاري: “لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ”،
ولسائل أن يسأل ما هي أسباب أكل الحرام اي ما هي الدوافع التي تجعل الإنسان يأكل الحرام؟
** أول هذه الأسباب :- (عدم الخوف والحياء من الله)
فالخوف والحياء من الله تعالى ،وحسن مراقبته ، كلها سياجات مانعة ، تقي المسلم وتحميه من الوقوع في الحرام , فمن نزع الخوف والحياء من قلبه ، أقبل على جمع المال من الحلال أو من الحرام ، فالكل عنده سواء ، لأنه لا يخاف ولا يستحي من الله
قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ قَوْمًا يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: لَيْسَتْ هَذِهِ عِبَادَةٌ، إِنَّمَا الْعِبَادَةُ الْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ، وَالْفِكْرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ.
ثانيها :-الطمع وعدم القناعة : فعلى المسلم أن يعلم علم اليقين أن الأرزاق مقسمة كالآجال , ففي مسند أحمد : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِى الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ وَلاَ يُعْطِى الدِّينَ إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلاَ يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) .
قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ « غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاَ مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلاَ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلاَ يَتْرُكَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ).
ثالثها :- (الحرص على المكسب السريع) :
فبعض الناس يستعجلون في قضية الرزق ،فهم يريدون الحصول على المال من أي جهة ،وبأي طريق ،حتى لو كان من حرام , فالمكسب السريع عندهم هو الغاية المرجوة والهدف المنشود , فقد يتأخر الرزق عن بعض الناس ،لحكمة يعلمها مقدر الأرزاق ومقسمها ؛ فيحمله استبطاء الرزق على أن يطلبه بمعصية الله ، ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ففي سنن ابن ماجة والبيهقي : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم( أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ) .
رابعها الجهل بخطورة الكسب الحرام وحكمه) :
فكثير من الناس يجهل خطورة الكسب الحرام وحكمه ،وأثره السيئ عليه , ويتهاون في معرفة ما يحصله من أموال , وما يتناوله من طعام ،وقد روى البخاري:
عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ كَانَ لأَبِى بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ ، وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ تَدْرِى مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ ، إِلاَّ أَنِّى خَدَعْتُهُ ،فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ ، فَهَذَا الَّذِى أَكَلْتَ مِنْهُ . فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ). وعندما سُئل قال: والله لو لم تخرج إلا وروحي معها لأخرجتها لقد قال النبي:(كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) فهلا اقتفينا أثرهم.
** قال ابن المبارك: “لأنْ أرُدَّ دِرْهمًا من شُبْهَةٍ؛ أحبّ إليَّ من أن أتصدَّق بمائة ألفٍ”. قال عمر رضي الله عنه: (كنَّا نَدَعُ تسعةَ أعشار الحلال؛ مخافةَ الوقوع في الحرام)، وإنما فعل ذلك رضي الله عنه امتثالاً لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير: (إنَّ الحلال بَيِّنٌ، وإنَّ الحرام بَيِّنٌ، وبينهما مشتبهاتٌ، لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَنِ اتَّقى الشُّبهات، استبرأ لدينه وعِرْضِه، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبهات، وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى، يوشك أن يَرْتَعَ فيه)الحديث.
** أحبتي في الله :- إن أكل الحرام له من الآثار السيئة على آكله ما الله به عليم،
فآكل الحرام لا يستجاب له دعاء، وهل يستغنى العبد عن ربه طرفة عين؟ أبداً، روى الحافظ ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تُليت هذه الآية عند النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً)[البقرة: ١٦٨].
فقام سعد بن أبي وقاص، فقال: يا رسول الله، أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة؟ فقال: يا سعد: “أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة”.
فإننا ندعو الله ليلَ نهارَ، ولا يستجاب الله منا لماذا ؟لأن البطون امتلأت بالحرام لماذا ؟لأن البطون غذيت بالحرام, فكيف يستجاب الله منا الدعاء ؟! لذا قال النبي المختار كما في حديث أبي هريرة أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم.
** فاحذروا أحبتي في الله :- من أكل المال الحرام ، فهو مستنقع قذر ،وسبيل إلى الهلاك ، فاحذروه بكل صوره ، وشتى أنواعه وأشكاله ، فهو خبيث ، والله تعالى يقول :
(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[ المائدة:١٠٠]
** فليعلم العاقل أن الدنيا زائلة ،وأنه موقوف ومسئول بين يدي الله تعالى عن كل ما اكتسبه وكل ما أنفقه فعَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم:-
( لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ).رواه الترمذي.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الحلال وأن يبارك لنا فيه وأن يجنبنا الحرام ويباعد بيننا وبينه كما باعد بين المشرق والمغرب.
***
كتبه:- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي.
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف